07 - 05 - 2025

عاصفة بوح | جرينا نحوه بالف رهوان

عاصفة بوح | جرينا نحوه بالف رهوان

 

الفشل أنواع .. فشل مع سبق الاصرار والترصد وفشل نتيجة عدم الكفاءة لتفضيل أهل الثقة فى الأحوال والظروف العادية عن أهل الكفاءة، مع أن أنظمة كثيرة لا تتحلى بصفات المجتمعات الليبرالية المدنية الحديثة حللت وحذرت من الأسباب  التى تؤدى الى انهيار الدول ومن قبلها الحضارات، ثم قامت بمواءمات تمزج فيها ما بين الثقة والكفاءة ، رغم أنها لا تعتبر الديمواقراطية من مقومات مجتمع وحياة مواطنيها ولا تأخذ بأسباب الترقى المتعارف عليه عالميا وإنسانيا

ولكن اتصور لاسباب يعرفونها وحدهم  قد  تجاهلوا هذه التجارب أو ربما لأن منطق القوة يحكم، والقوامة الأبوية تسود حتى فى أمور السياسة وشيوع معرفة الحاكم بمصلحة الشعب، فى خلط مسىء لمفهوم الحكم ومقتضياته، مع عدم  الأخذ الجاد بعبر ودروس الماضى القريب والبعيد ، وإنكار  تام لأسباب الخطأ  والخطر والأضرار الواضحة والمباشرة الناجمة عنها، ومحاولة إعادة ماض أثبت فشله مع تجاهل أسباب  غضب سابق ولاحق وحاجة مصيرية لتغيير حقيقى طال الشوق إليه، وتم إهداره بعد ثورة أسىء تفسيرها وأسباب قيامها والإصرار على إنكار نسبها إلى أبويها الشرعيين، ومحاولة حصار غضب قادم يراه الجميع يقترب من منطقة الخطر ماعدا المسئولين عنه والمنوط بهم  درء أسبابه، فإن الفشل سيكون مصيرنا  فى  تحقيق أقل المطالب  شرعية وهو الاستقرار الحقيقى الذى يتحقق بالعدل والتنمية والنجاح الاقتصادى الذى تشعر وتستفيد به الأغلبية استفادة حقيقية فى حياتها اليومية ولا تقرأ عنه فى التقارير الرسمية الباردة والخادعة  فى آن واحد!!

أحد أسباب الفشل الكلاسيكية أن الأنظمة لا تسمع إلا نفسها وصدى صوت مؤيديها والمنتفعين بها واعتبار كل معارضيها بل حتى منتقديها خطرا داهما يستوجب القضاء عليه.

بل أتصور أن أخطر ما يواجه الدول هو عدم احترام القانون والدستور والتعامل معهما باستهانة لا تليق بقداستهما واحتياج المجتمع لهما كعامل أساسى لسير الحياة والاستقرار، وبدونهما تسقط  فى فوضى كاملة ولنا فى دول شقيقة أسوأ الأمثلة بعيدا عن التهديد بمصيرها فى أمور لاعلاقة لها بها، سوى استخدامها لتبرير المرفوض لأسباب لا تغيب على فطنة أحد!!

حقيقة من يريد إفشال الدولة بعيدا عن أعدائها التقليديين؟؟؟  لا أحد على ما أتصور، ومع ذلك ننحدر نحوه بسرعة مخيفة ولا أحد يريد منح الدولة فرص الانقاذ!!

للأسف فإن تغليب المصلحة الشخصية على الصالح العام اصبح عرفا عام مقبولا ومبررا وتحت شعاره تتم الإطاحة بالمتميزين بدلا من دعمهم من أجل المستقبل، فى ضربة استباقية تحول دون المنافسة المستقبلية، مما أدى إلى عقم الوطن وجموده الذي قادنا لما نحن فيه الآن !!

أما محاربة الفساد فحدث ولا حرج، يتم التنكيل بمن يتصدى له، ولن أقول حاشا لله حمايته، مما يشجع الآخرين على استكمال المسيرة، إنما يجعلوا منه عبرة لمن يعتبر ومما  جعل الفساد أقوى مؤسسة فى الدولة تفوق قدرة الدولة على القضاء عليها وهى تهدر جهودها الإيجابية وتسىء لسمعتها وتثير حتى الشك في جدية محاربته، ربما لأننا لانرى جهودا حقيقية لمحاربته إلا فى مناسبات خاصة ولأسباب خاصة!!

 ربما هو أخطبوط توحش وتجذر ويحتاج إلى التعامل معه بحذر وذكاء وكياسة سياسية بعدما ترك عقودا ليتحول إلى مؤسسة إجرامية تحتاج إلى سنين لإصلاحها، بالإضافة لعدم سن قوانين صارمة وصريحة لتحجيمها بدلا من إصدار قوانين تساعد على إفلات المجرم من العقاب كقانون التصالح الشهير الذى أمن ظهر الفاسد من العقاب عبر إعادة ما استطاعوا الوصول إليه من مسروقات تنازل عنها مشكورا الفاسد!!

لا ننسى أن تحييد السلطة النيابية عن القيام بواجبها المنوط بها وهى مراقبة السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب وسن قوانين عادلة تواكب التطوارات والتغييرات المطلوبة خاصة بعد ثورتين، فإنه يقود الدولة إلى مخاطر ماض ثرنا عليه ولا سبيل الى تكراره بعدما عانينا من نتائجه!!

للفشل مسارات مختلفة كلها تؤدى إلى نفس النتيجة!

عندما تبنى سجون أكثر مما تبنى المصانع والمؤسسات التعليمية والبحثية والفكرية، فتأكد أننا إلى طريق الفشل سائرون.

عندما يصادر حق الشباب فى المشاركة السياسية وهم وقود المستقبل ولا نتفهم أهمية ذلك وخطورة غيابه، وعندما يشعرون بالغربة فى وطنهم ويفقدون الأمل فى أى مستقبل فيه وتكون الهجرة هى الأمل  فإننا فى أزمة حقيقية.

عندما ترتفع نسبة البطالة بين الشباب وأهاليهم ويصير الجوع الحقيقى قاب قوسين من حياتهم فى دولة كانت تفتخر أن لا أحد ينام  فيها "من غيرعشاء" فعلينا أن نقف لحظة لتأمل درجة الخطر.

عندما تترك الدولة نهبا لفتنة طائفبة نعرف كلنا أسبابها وكيفية محاربتها ما عدا الدولة، وتترك من يؤجج نارها على المنابر وفي أحزابهم المناهضة للدستور، ينفخون بسمهم فى آذان البسطاء ولا حياة لمن تنادي، فلا  تلومونا اذا اتهمنا المسؤولين عن ذلك بالفشل!

 والأمثلة لا تحصى ولا تعد

و لكن لأننا جميعا دون استثناء لا نسمع إلا صدانا والكل محتكر للحقيقة ولا أحد سواهم، فنحن كلنا  فاشلون ولا أستثنى أحدا لا حكومة ولا معارضة ولا ما قيل يوما أنهم نخبة وأنهم أمل التغيير، كلنا فشلنا حتى الآن فى إنقاذ الوطن.

 لذلك على الجميع أن يتناسوا الآن وليس غدا مصالحهم، من أجل مصلحة الوطن لأنه لو سقط، فلا نلومن إلا أنفسنا ولا أحد غيرنا، بعيدا عن المؤامرات الخارجية فما فعلناه لأنفسنا يكفى وزيادة! فقد جرينا جميعا نحو الفشل بألف رهوان!!

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة